يعاني العراق من تزايد مشاكل أزمة السكن في جميع المحافظات في ظل حاجته الفعلية إلى أكثر من 2.5 مليون وحدة سكنية حالياً، فضلاً عن أكثر من 3.6 ملايين نسمة يعيشون في المناطق والأحياء العشوائية التي لم تدخل ضمن الحدود البلدية للوحدات الإدارية التابعة للمحافظات.
وتعهدت الحكومة العراقية بحل مشكلة السكن في العراق من خلال إطلاق عدة مشاريع، كان آخرها مشروع المطور العقاري الذي أعلنه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، الخميس الماضي، والذي يتضمن تهيئة أراضٍ سكنية بأسعار رمزية عبر الشراكة مع القطاع الخاص.
وأشار السوداني الى أن التوجه لإنشاء المدن السكنية سيؤسس لنشوء صناعة وطنية تؤمن ما تحتاجه السوق المحلية من المواد الإنشائية.
تقليص فجوة السكن في العراق
وزارة الإعمار والإسكان، تعهدت بمعالجة أزمة السكن، خاصة لأصحاب الدخل المحدود، من خلال وضع خطة إستراتيجية ستسهم باتجاه تقليص فجوة السكن في العراق إلى النصف خلال السنوات الخمس المقبلة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، نبيل الصفار، إن وزارته وضعت إستراتيجية تمتد للعام 2030 لتقليص أزمة السكن، وتتضمن المدن السكنية الخمس التي تم الإعلان عنها في أوقات سابقة، إضافة إلى مدن أخرى سيتم الإعلان عنها لاحقاً، ما سيؤدي إلى تقليل الفجوة السكنية بنسبة 50%.
وبين الصفار، في حديث صحافي، أن وزارة التخطيط أعلنت سابقاً أن العراق يعاني من أزمة سكن وقدرت الحاجة إلى ثلاثة ملايين وحدة سكنية، مضيفاً أن “بناء المدن السكنية سيستمر على مدار 15 عاماً وهو الحل الجذري لأزمة السكن في العراق، فضلاً عن إجراءات الحكومة الأخرى المتمثلة بتطوير مدينة الصدر التي تقع على عاتق أمانة بغداد، إضافة إلى القروض التي يمنحها صندوق الإسكان والتي تسهم إلى حد ما في حل أزمة السكن.
مناطق عشوائية
من جانبها، أعلنت وزارة التخطيط العراقية، أن ثلاثة ملايين وستمئة ألف شخص يعيشون في مناطق عشوائية تعرف محلياً بـ”أحياء التجاوز”، مما يسلط الضوء على تفاقم أزمة السكن في البلاد.
وقال المتحدث باسم الوزارة، عبد الزهرة الهنداوي، إن العاصمة بغداد تعاني من الاكتظاظ السكاني في المناطق العشوائية التي تضم أعلى عدد من التجمعات العشوائية، والتي تصل إلى ألف وثلاثة وسبعين تجمعاً، وهو ما يعادل نحو خمس التجمعات العشوائية في عموم البلاد.
وأضاف الهنداوي، أن محافظات البصرة والنجف والمثنى تأتي في المراتب التالية بعد بغداد من حيث انتشار التجمعات العشوائية، مما يتطلب جهوداً كبيرة وحثيثة لإنشاء مشاريع الإسكان الكبيرة التي تلبي احتياجات السكان المتزايدة، في ظل زيادة ملحوظة في عدد السكان.
وبين أن معطيات عدد السكان الحالي في العراق تقدر بحدود إلى 43 مليون نسمة في عموم العراق، الذي يحتاج إلى ما لا يقل عن 2.5 مليون وحدة سكنية لسد هذهِ الحاجة.
وكشف عن عزم الحكومة وفق خططها لبناءِ 16 مدينة سكنية جديدة، ثلاث منها في محافظة بغداد هي مدينة الجواهري وعلي الوردي ومدينة الصدر الجديدة.
وأوضح أن هذه المدن سوف تضم أعداداً كبيرة من الوحدات السكنية، التي تتراوح من 30 ألفاً إلى أكثر من 120 ألفاً، تتوفر فيها كل المتطلبات الحياتية من البنى التحتية، وجميع الخدمات العامة ومعظم مديريات ودوائر الدولة.
لكن لجنة الإسكان والإعمار في البرلمان العراقي، أكدت إن مشكلة السكن في العراق متواصلة، والحديث عن إنشاء مجمعات سكنية يعد منافياً للواقع العراقي الذي يعاني السكان فيه من مشاكل الفقر والبطالة وانخفاض مستويات الدخل.
وقالت عضو اللجنة، سوزان منصور، إن بناء المجمعات السكنية بحجة معالجة مشكلة السكن أكذوبة يشهدها واقع العراق الاستثماري، لأن المجمعات التي أنشئت أو مقرر إنشاؤها هي مجمعات استثمارية ربحية.
وبينت منصور، أن أسعار الوحدات السكنية في المجمعات الاستثمارية الحالية، باهظة جداً ومبالغ بها، لأن الطبقات الثلاث الفقيرة والمتوسطة وذات الدخل العالي من الصعب جداً عليهم شراء وحدة سكنية في هذه المجمعات.
وأكدت منصور وجود تقصير عال من قبل هيئة الاستثمار، التي اتجهت إلى الاهتمام ببناء منازل وبعدها يتم بناء (فلل vip) تبدأ أسعارها من 800 مليون دينار، ويسكن فيها فقط الوزراء والنواب والقضاة، وهذا الأمر يعتبر إهانة للفقير، وصناعة للفوارق الطبقية في المجتمع.
أزمة خانقة
في السياق أكد الباحث الاقتصادي، علي الحياني، أن العراق يعاني من أزمة سكن خانقة تجذرت من الموروث المتراكم نتيجة لتوقف التخطيط والتوسع العمراني لسنوات طويلة أعقبت الحصار على العراق سنة 1991.
وقال الحياني، إن النمو السكاني المتزايد قياساً بعدد الوحدات السكنية الموجودة في البلاد يضع الحكومة في موقف لا تحسد عليه على حد وصفه، بسبب غياب التخطيط للسنوات الماضية والعشوائية والفساد في مشاريع الإسكان والمجمعات السكنية الاستثمارية.
ولفت الحياني إلى أن المواطنين من أصحاب الدخل المحدود عاجزون عن بناء وحدات سكنية خاصة بهم، بسبب غلاء الأراضي وارتفاع تكاليف المواد الإنشائية وصعوبة الحصول على قطعة أرض مناسبة صالحة للبناء.
وأضاف أن الارتفاع الكبير في أسعار العقارات والوحدات السكنية في بغداد والمحافظات يشكل صدمة لطبقة الموظفين وأصحاب الدخل المحدود، غير القادرة على توفير المال الكافي لشراء شقة أو قطعة أرض ولو بمساحة لا تتجاوز الـ 100 متر مربع.